زيارة آثار قوم شعيب
السؤال: يوجد في مدينة (البدع) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال ، ويذكر بعض
الناس أن هذه مساكن قوم شعيب عليه السلام ، والسؤال : هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب
عليه السلام ، أم لم يثبت ذلك ؟ وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع ، ولمن كان
قصده الاعتبار والاتعاظ ؟
الجواب:
الحمد لله
"اشتهر عند الإخباريين : أن منازل (مَدْين) الذين بُعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي
في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب ، والتي تسمى الآن : (البدع) وما حولها ، والله أعلم بحقيقة
الحال ، وإذا صح ذلك فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة والاطلاع ؛ لأن النبي صلى الله عليه
وسلم لما مر بالحِجْر – وهي : منازل ثمود – قال : (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، أن
يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين) ثم قَنَّع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي . رواه البخاري
في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما .
وفي رواية له أيضاً : (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى ، في أثناء ذكره الفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك : "ومنها : أن
من مر بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها ، ولا يقيم بها ، بل يسرع السير ، ويتقنع
بثوبه حتى يجاوزها ، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً ، ومن هذا : إسراع النبي صلى الله عليه وسلم
السير في وادي مُحَسِّر بين منى ومزدلفة ، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه" انتهى من "زاد
المعاد" (3 /560) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ، في صدد شرحه للحديث السابق : "وهذا يتناول مساكن ثمود
وغيرهم ممن هو كصفتهم ، وإن كان السبب ورد فيهم" . "فتح الباري" (6/380) .